اخبار العالم

أملاك العراق في الخارج.. ثروات منسية أم ملف مسكوت عنه؟

اليوم، وبعد أكثر من عقدين على التغيير السياسي، لا تزال هذه الأملاك طَيّ الإهمال والتجاهل، وسط صمت رسمي ملحوظ، وغياب أي كشف حقيقي من قبل الحكومة أو ديوان الرقابة المالية أو هيئة النزاهة حول مصيرها، رغم أن بعضها يُقدّر بعشرات ملايين الدولارات، وقد يكون مصدر دعم كبير للموازنة العراقية.

أملاك بارزة.. من الشاي إلى القصور
مزرعة الشاي في سريلانكا
تُعد من أبرز الاستثمارات الزراعية التي امتلكها العراق في جنوب آسيا، وتعود ملكيتها إلى شركة التجارة الخارجية العراقية.
وكانت هذه المزرعة تنتج كميات كبيرة من الشاي، تُورّد مباشرة إلى العراق خلال الثمانينيات والتسعينيات، وتستخدم لتلبية حاجات الدولة ومفردات البطاقة التموينية.
لكن بعد عام 2003، انقطعت العلاقة تماماً مع هذه المزرعة، وتضاربت الأنباء حول مصيرها، حيث تحدثت تقارير غير رسمية عن تأجيرها من قبل وسطاء، أو ضياعها ضمن ديون الدولة المضيفة.
قصر العراق في باريس
أحد أهم وأغلى العقارات التي يمتلكها العراق في أوروبا، ويقع في منطقة راقية بباريس.
وتم شراؤه في عهد النظام السابق لاستخدامه كمقر دبلوماسي، لكنه بقي مغلقاً لفترات طويلة.
وبحسب مصادر دبلوماسية، فقد كان القصر مؤجراً سابقاً لجهات أجنبية، بينما لا توجد حالياً معلومات دقيقة عن وضعه القانوني أو إن كانت الحكومة العراقية تستفيد من عائداته.
اللافت أن وزارة الخارجية لم تُصدر أي بيان رسمي بشأن وضع القصر حتى الآن، ما يعزز الغموض المحيط بالملف.
مصفى النفط في الصومال
واستثمر العراق في مصفى لتكرير النفط بالصومال في أواخر الثمانينيات، وكان ضمن مشروع تعاون نفطي طويل الأمد مع الحكومة الصومالية.
لكن انهيار الدولة هناك بعد الحرب الأهلية أوقف المشروع، وتُرك المصفى عرضة للنهب أو التخريب.
وحتى اليوم، لا توجد أي متابعة رسمية من بغداد لهذا الأصل، رغم استقرار نسبي في بعض مناطق الصومال، ووجود جهود إقليمية لإعادة تأهيل البنية التحتية.
أملاك أخرى في الظل
-عقارات في بيروت والقاهرة كانت مملوكة للدولة العراقية ومؤسسات إعلامية وثقافية.
-فنادق في تونس والمغرب تُقدّر بملايين الدولارات، وتشير تقارير إلى أن بعضها يُستخدم دون إذن العراق.
-استثمارات صناعية في أوروبا الشرقية اختفت بعد سقوط المنظومة الاشتراكية.
لماذا الصمت الحكومي؟
ويرى خبراء أن تجاهل هذا الملف يعود إلى عدة أسباب منها ان “الملف حساس ومرتبط بشبكات مصالح وتغطيات قديمة، وربما يستدعي فتحه التحقيق في عقود وتفاصيل تورّط بها مسؤولون سابقون كما انه “لا توجد قاعدة بيانات دقيقة أو محدثة بكل الأملاك العراقية في الخارج، ما يفتح الباب أمام العبث أو الاستغلال”.
وتشير بعض المصادر البرلمانية إلى “وجود محاولات سابقة لخصخصة بعض هذه الأملاك بطرق مشبوهة، أو بيعها بأسعار رمزية لجهات غير عراقية”.
ورغم مطالبة بعض أعضاء البرلمان خلال دورات سابقة بفتح الملف، إلا أن الاستجابة ظلت محدودة.
وبحسب النائب السابق عبد الأمير الدبي، فإن “هناك قصوراً واضحاً في متابعة أملاك العراق بالخارج، وهناك خشية من فتح هذا الملف بسبب ارتباطه بجهات نافذة”.
فيما أكدت هيئة النزاهة في تصريحات سابقة أنها “تتابع بعض الملفات العقارية في الخارج”، لكنها لم تعلن حتى الآن عن نتائج ملموسة.
العراقيون يسألون: أين ذهبت هذه الثروات؟
في ظل الضائقة المالية التي يعاني منها العراق، تتصاعد الأصوات المطالبة بالكشف عن هذه الأملاك وإدارتها بما يخدم الدولة.
ويقول المواطن حسين جبار من بغداد “لدينا أملاك في باريس وسريلانكا وأفريقيا لا نعرف عنها شيئاً.. أليست هذه أموال العراقيين؟”.
وتبقى أملاك العراق في الخارج ملفاً غامضاً ومسكوتاً عنه، وسط تساؤلات مشروعة حول من يستفيد منها حالياً، ولماذا لا تتحرك الحكومة لاستردادها أو توظيفها لدعم الاقتصاد الوطني.
فهل آن الأوان لفتح الملف؟ أم أن السكوت سيبقى سيد الموقف؟

زر الذهاب إلى الأعلى