اخبار العالم

كيف كانت ملامح “حتشبسوت” الحقيقية؟.. علماء يعيدون بناء وجه جلالة الملكة

في إنجاز علمي مبهر، تمكن فريق من العلماء من إعادة بناء ملامح وجه الملكة حتشبسوت، إحدى أعظم الملكات في مصر القديمة، التي حكمت البلاد قبل أكثر من 3500 عام. 

وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “ميل أونلاين”، استطاع الباحثون، باستخدام تقنيات متطورة، استعادة ملامح هذه الملكة الأسطورية التي كادت تُمحى من التاريخ، ليكشفوا عن وجهها الحقيقي في صورة رقمية مذهلة، وتُعد حتشبسوت واحدة من أبرز النساء في التاريخ المصري، حيث تولت الحكم كفرعون كامل الأوصاف في الأسرة الثامنة عشرة. 

تم التعرف على موميائها عام 2007 في مقبرة تحمل الرقم KV60 بوادي الملوك، بفضل جهود عالم الآثار الدكتور زاهي حواس. 

أكدت الأدلة، بما في ذلك ضرس مفقود عُثر عليه في صندوق أحشاء يحمل اسمها، أن المومياء تعود للملكة. وكشفت الأشعة المقطعية عن امرأة في الخمسينيات من عمرها، بدينة، تعاني من أمراض مثل السكري والسرطان العظمي، مع شعر أحمر محفوظ بشكل مذهل.

تقنيات إعادة بناء الوجه

اعتمد العلماء على أحدث تقنيات التصوير المقطعي ثلاثي الأبعاد لإنشاء نموذج دقيق لجمجمة حتشبسوت. وباستخدام بيانات الأنسجة الرخوة ومتوسط قياسات الوجه، أعادوا تشكيل ملامحها، من الخدين إلى الذقن. 

ورغم تحلل الأنسجة بسبب آلاف السنين، ساعدت التقنيات الحديثة في تجاوز هذه التحديات، مع أخذ التماثيل والنقوش بعين الاعتبار لضمان الدقرب من مظهرها الحقيقي. ونتج عن ذلك صورة لوجه مستدير، يعكس بنيتها البدينة، مع ملامح هادئة ومهيبة.

ملامح أنثوية وسلطة ملكية

تُظهر تماثيل حتشبسوت، خاصة تلك الموجودة في معبدها بالدير البحري، مزيجًا فريدًا من الأنوثة والسلطة. في بداية حكمها، صُورت بملامح أنثوية واضحة، مثل عينين لوزيتين، حواجب مقوسة، أنف معقوف، وفم صغير مبتسم. 

لكن مع تعزيز شرعيتها كفرعون، بدأت تظهر بلحية زائفة وزي ذكوري، مع بشرة برتقالية رمزية تمزج بين اللونين الأحمر والأصفر، كما ورد في التقرير. هذا التحول الفني يعكس ذكاءها السياسي في التوفيق بين هويتها الأنثوية ومتطلبات الحكم.

تحديات إعادة البناء

واجه العلماء صعوبات كبيرة بسبب حالة المومياء، خاصة فقدان أجزاء من الفك السفلي. لكنهم عوضوا ذلك بالاعتماد على بيانات عظمية ومقارنات مع تماثيل الملكة، مثل تمثال الحجر الجيري في متحف متروبوليتان بنيويورك. 

كما أضفوا شعرها الأحمر المائل إلى الأشقر، المحفوظ بشكل استثنائي، ليمنح الوجه لمسة مميزة. الصورة الناتجة تُظهر ملكة ذات وجه ممتلئ، تعبير واثق، وإطلالة تليق بفرعونة عظيمة.

أهمية الاكتشاف

إعادة بناء وجه حتشبسوت ليست مجرد إنجاز تقني، بل نافذة على تاريخ ملكة حاول خلفاؤها محو إرثها. حكمت حتشبسوت مصر بنجاح لأكثر من عقدين، قادت حملات تجارية إلى بلاد بونت، وأشرفت على بناء معبدها الأيقوني. 

هذا العمل العلمي يعيد إحياء ملامحها، ويؤكد مكانتها كرمز للقوة والذكاء. أما الصورة الرقمية لوجهها، التي تجمع بين الأناقة الملكية والحضور القوي، تروي قصة ملكة مصرية لم ينل من سيرتها الزمن أو النسيان.

زر الذهاب إلى الأعلى