مصر تدفع باتجاه التسوية الليبية الشاملة.. والرئيس السيسي يجمع بين جناحي الشرعية الليبية في القاهرة

في تحرك سياسي لافت يؤكد استمرار الدور المصري المحوري في الملف الليبي، استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي، وذلك بعد أيام قليلة من اللقاء الذي جمعه بالقاهرة أيضًا بالمشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، في مشهد يعكس حرص القيادة المصرية على فتح قنوات التنسيق المتوازي مع جناحي الشرعية الليبية: البرلمان والجيش.
لقاء عقيلة صالح.. رسائل مصرية متجددة
اللقاء الذي حضره رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء حسن رشاد، والمستشار السياسي لرئيس البرلمان الليبي حميد الصافي، أعاد تأكيد الثوابت المصرية حيال الأزمة الليبية، وعلى رأسها وحدة التراب الليبي، ورفض أي حلول جزئية أو مؤقتة، والتأكيد على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن، بما يعكس إرادة الليبيين دون إقصاء أو وصاية.
الرئيس السيسي شدد على أن أمن ليبيا القومي هو امتداد طبيعي للأمن القومي المصري، وأن القاهرة ترفض بوضوح استمرار وجود القوات الأجنبية والمرتزقة على الأراضي الليبية، لما يمثله من عائق مباشر أمام استقرار الدولة ومؤسساتها، بل وتعتبره تهديدًا للأمن الإقليمي ككل.
لقاء حفتر الأخير.. توحيد المواقف قبل الاستحقاقات
اللافت أن لقاء الرئيس السيسي بعقيلة صالح جاء بعد لقاء سابق خلال الأيام القليلة الماضية مع المشير خليفة حفتر في القاهرة، حيث ناقش الجانبان مستجدات الساحة الليبية، والتحديات الأمنية، وسبل توحيد الصف الوطني، وتهيئة الأجواء لإجراء الانتخابات.
بحسب مصادر دبلوماسية مطلعة، فإن اللقاء مع حفتر حمل إشارات مهمة بشأن ضرورة تنسيق المواقف بين المكونات الوطنية في الشرق الليبي، وحث الجيش الوطني على الالتزام بدعم المسار السياسي، بما يعزز ثقة المجتمع الدولي والليبيين في جدية المؤسسات الليبية.
قاهرة التوازنات الليبية
اختارت مصر أن تمارس دورها التاريخي كـ”جسر توازن” بين مختلف الفرقاء الليبيين، لكنها في الوقت نفسه تميز بين المكونات الوطنية الحقيقية والميليشيات المدعومة من الخارج. ومن هنا فإن لقاءات الرئيس السيسي مع حفتر وعقيلة صالح خلال فترة قصيرة، تعكس إدراكًا مصريًا بأن إنجاح الانتخابات يحتاج توافقًا كاملاً بين مؤسسات الدولة الوطنية، وأن توحيد المسار بين الجيش والبرلمان هو مفتاح العبور إلى المرحلة الجديدة.
دور مصر في مرحلة الإعمار والدعم المؤسسي
الرسالة الأهم التي حملها اللقاء الأخير، أن مصر لا تكتفي فقط بالمواقف السياسية، بل تضع نفسها شريكًا استراتيجيًا في جهود الإعمار وإعادة بناء مؤسسات الدولة الليبية. وقد أكد الرئيس السيسي استعداد مصر الكامل لنقل الخبرات التنموية، والمشاركة في مشروعات البنية التحتية، خاصة في المناطق التي تحتاج إلى إعادة تأهيل بعد سنوات من الصراع.
خلاصة المشهد
التحركات المصرية الأخيرة مع كل من حفتر وعقيلة صالح تؤكد أن القاهرة تُدير الملف الليبي برؤية استراتيجية شاملة، تقوم على إنهاء الانقسام، وترسيخ الحل السياسي، ودعم مؤسسات الدولة، ورفض التدخل الأجنبي. وهي بذلك تُعيد صياغة المشهد الليبي على أسس عربية خالصة، تحفظ وحدة ليبيا وتمنع تفككها.