في السنوات الأخيرة، أصبح الكربون أحد العناصر الأساسية للتسعير في الأسواق البيئية، حيث يمثل مقياسًا مركزيًا للجهود المبذولة في خفض الانبعاثات وتحقيق التوازن البيئي. ومع تطور آليات تسعير الكربون، بما في ذلك ضرائب الكربون ونظم التجارة في الانبعاثات، بدأت الأسواق العالمية تتعامل مع الكربون كسلعة اقتصادية قابلة للتداول. وقد أدى ذلك إلى إنشاء سوق ناشطة لشهادات الكربون، التي تعكس الجهود المبذولة لخفض أو تعويض انبعاثات غازات الدفيئة، وتعمل كوسيلة لتحفيز الشركات والمشروعات على الاستثمار في حلول منخفضة الكربون.
ومع هذا التطور، ظهرت تحديات جديدة تستدعي حلولًا فعّالة لإدارتها، مثل تقلب الأسعار ومخاطر الإفصاح والمصداقية والمخاطر القانونية والتنظيمية. وفي هذا السياق، يبرز دور قطاع التأمين كأداة استراتيجية توفر الحماية وتعزز الثقة في هذه الأسواق من خلال تصميم منتجات تأمينية مخصصة لتغطية تلك المخاطر.
بحسب نشرة اتحاد التأمين الأسبوعية، يلعب قطاع التأمين دورًا محوريًا في مواجهة تغير المناخ من خلال تقديم حلول مبتكرة. فعندما تتبنى شركات التأمين ممارسات مستدامة، فإنها لا تقاوم فقط انبعاثاتها ولكنها تؤثر أيضًا على معايير الصناعة بشكل عام. يعتبر هذا التحول ضروريًا لضمان مستقبل أفضل لصناعة التأمين ومواجهة تغير المناخ.
تستثمر شركات التأمين في شهادات الكربون كجزء من استراتيجية أوسع تهدف إلى تحقيق عوائد مالية تدعم الاستدامة. على سبيل المثال، قامت إحدى شركات إعادة التأمين السويسرية الكبرى مؤخرًا بشراء ألف طن من شهادات إزالة الكربون من شركة «O.C.O Technology» لتعويض انبعاثاتها المتبقية، مما يعكس التزامها بدعم حلول مبتكرة لمواجهة تغير المناخ.
من خلال حساب بصمتها الكربونية، تستطيع شركات التأمين فهم مستويات انبعاثاتها الحالية وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين. ومن خلال الاستخدام الفعّال لشهادات الكربون، يمكن لشركات التأمين أن تلعب دورًا نشطًا في تحقيق أهداف الاستدامة وتعزيز سمعتها المؤسسية.
يمكن للتأمين أن يلعب دوراً كبيراً في تحقيق الأهداف التالية:
- – التخفيف من المخاطر المرتبطة بتداول شهادات الكربون.
- – تطوير مشاريع تعويضات الكربون.
- – زيادة الثقة في أسواق الكربون.
- – توسيع نطاق أسواق الكربون الطوعية من خلال تغطية مخاطرها.
- – تمكين شركات التأمين من تقييم أسعار مشاريع تعويضات الكربون وتقديم مشورة إدارة المخاطر للمؤمن له.
دور التأمين في تغطية هذه المخاطر
يوفر التأمين مجموعة من المنتجات التي تغطي المخاطر التي يمكن أن يواجهها مطورو المشاريع ومشتروا الشهادات، ومنها:
- تأمين المسؤولية المهنية/القانونية: يحمي الشركات من الدعاوى القضائية المتعلقة بعدم الامتثال أو الأخطاء في تقارير الكربون، مثل الأخطاء في إعداد تقارير الكربون أو التحقق من الانبعاثات.
- تأمين الاحتيال أو الجريمة: يغطي الخسائر نتيجة تزوير الشهادات أو الخروقات على منصات التداول.
- تأمين مخاطر السوق: أدوات تأمين مالية لتغطية تقلبات الأسعار.
- تأمين توقف المشروع: يغطي الخسائر الناتجة عن فشل مشاريع خفض الانبعاثات.
- التأمين ضد تحقق طرف ثالث: يحمي في حال فشل طرف في التحقق من صحة مشاريع تقليل الكربون.
- تأمين السمعة: يغطي الأضرار المالية بسبب فقدان الثقة من المستثمرين نتيجة فضائح متعلقة بالكربون.
- تأمين الإلغاء التنظيمي أو التغييرات التشريعية: يغطي الخسائر الناتجة عن تغييرات مفاجئة في القوانين المتعلقة بالكربون.
- تأمين المسؤولية البيئية: يغطي الأضرار الناتجة عن مشروعات خفض الكربون والدعاوى القانونية.
شهدت السنوات الأخيرة زيادة في اهتمام العديد من الدول بتوفير تغطيات تأمينية لتعزيز موثوقية أسواق الكربون والتقليل من المخاطر المرتبطة بتداول شهادات الكربون.
تجارب دولية في استخدام التأمين لدعم سوق الكربون:
1. الاتحاد الأوروبي: يُعتبر نظام تداول الانبعاثات الأوروبي (EU ETS) من أكبر الأسواق الكربونية، حيث بدأت شركات التأمين بتقديم منتجات تغطي مخاطر الالتزام وتقلب الأسعار.
2. أستراليا: برز دور التأمين في تغطية مشاريع خفض الانبعاثات، خاصة في القطاع الزراعي.
3. كاليفورنيا (الولايات المتحدة): تمتلك نظام تداول كربوني نشط حيث تقدم شركات إعادة التأمين تغطيات خاصة للمخاطر المتعلقة بالانبعاثات.
4. دول جنوب شرق آسيا: تظهر مبادرات لرعاية مشاريع بيئية تقدم تغطيات تأمينية لمشاريع خفض الانبعاثات.
5. شركات التأمين العالمية: تطور شركات مثل سويس ري وميونيخ ري منتجات تأمينية مرتبطة بالكربون، تشمل تأمين ضد تقلب الأسعار واستقرار العوائد.
